السبت، 7 يناير 2012

مقال : نظرة في قانون الجنسية الإماراتية

مقدمة :
دار جدل واسع في مدى صحة القرار الصادر في سحب أو إسقاط جنسية الإماراتيين السبعة ، و لم يكن الخلاف الدائر على المواد القانونية التي تضمنها قانون الجنسية و جوازات السفر الإماراتي ، و إما يظهر  تركز الخلاف على تفسير هذه المواد و مدى انطباقها على الحالات المنظورة بما يعرف فقها بمصطلح التكييف القانوني  . إلى جانب عدم إدراك الكثيرين من غير المختصين بأهمية تتبع الإجراءات اللازمة لتنفيذ أي قانون ، و أن عدم تطبيق هذه الإجراءات و بالتدرج و المواعيد و الضوابط الصحيحة ، و التي ينص عليها القانون نفسه ، يحتم وقوعه في خانة البطلان ، و يجعله عرضة للطعن ، فيمسي القرار بعد صدوره كأن لم يكن .

في الجنسية :
الأصل أن الجنسية مركز قانوني لصيق بالمواطن يستمده من أحكام الدستور و القانون ، يتعين على كافة سلطات الدولة أن تصونه بإسباغ الحماية عليه إذا ما تعرض لأي مساس أو تعد ، شأنه شأن إقليم الدولة .
في ظل هذا لا يكون لأحد أو لسلطة ما أي تقدير في إسباغ وصف “مواطن إماراتي ” على شخص أو حرمانه من هذا الحق على خلاف حكم القانون وما حتمه في هذا الشأن .
و على رأس القوانين دستور دولة الإمارات العربية المتحدة و الذي رسم الأحكام الأساسية لموضوع الجنسية و التي لا يجوز تخطيها بأي شكل من الأشكال ، يكون ذلك باستقراء المادة (8) من الدستور :
“يكون لمواطني الاتحاد جنسية واحدة يحددها القانون، ويتمتعون في الخارج بحماية حكومة الاتحاد وفقاً للأصول الدولية المرعية.
ولا يجوز إسقاط الجنسية عن المواطن، أو سحبها منه، إلا في الحالات الاستثنائية التي ينص عليها القانون.”
في التفريق بين الجنسية بحكم القانون و الجنسية بالتجنس :
يعتبر المواطن بحكم القانون :
1- العربي المتوطن في الإمارات منذ 1925 و ما قبلها .
2- المولود لأب مواطن .
3-المولود لأم مواطنة بحكم القانون و لم يثبت نسبه لأبيه .
4- المولود لأم مواطنة بحكم القانون لأب مجهول أو لا جنسية له .
5- المولود في الدولة لأبوين مجهولين .
و يجوز منح الجنسية ( الجنسية بالتجنس ) للفئات التالية :
1- العربي من أصل عماني أو قطري أو بحريني إذا أقام بالدولة بصورة مستمرة مدة 3 سنوات و بشروط معينة .
2-أفراد القبائل العربية من الدول المجاورة الذين أقاموا بصورة مستمرة 3 سنوات و بشروط معينة .
3-لأي عربي أقام في الدولة مدة سبع سنوات و بشروط معينة .
4-لأي شخص أقام في الإمارات منذ سنة 1940 أو قبلها و بشروط معينة .
5- لأي شخص أقام 30 عاماً في الدولة منها 20 عاماً في ظل قانون الجنسية  و بشروط معينة .
6-لأي شخص قدم خدمات ليلة للدولة دون التقيد بمدد الإقامة المنصوص عليها في المواد السابقة
( ارجع في ذلك و في يأتي لقانون الجنسية و جوازات السفر رقم (17) لسنة 1972 )
في التفريق بين سحب الجنسية و إسقاط الجنسية :
بداية نتطرق إلى نصوص قانون الجنسية و جوازات السفر و المرقم بالقانون (17) و الصادر بسنة 1972 ، هذا القانون فصل في أسباب إسقاط أو سحب الجنسية .
في إسقاط الجنسية :
نصت المادة (15) من قانون الجنسية الإماراتي :
” تسقط جنسية الدولة عن كل من يتمتع بها فى الحالات التالية :
أ – اذا انخرط فى خدمة عسكرية لدولة اجنبية دون اذن من الدولة وكلف بترك الخدمة ورفض ذلك .
ب- إذا عمل لمصلحة دولة معادية .
ج – إذا تجنس مختارا بجنسية دولة أجنبية .”
و يدل النص على مسألة الإسقاط يتم  توقيعها على المواطن من أبناء الدولة كعقوبة نتيجة إتيانه بأفعال من شأنها الإضرار بأمن البلاد وتحتل مركزا خطيرا من الأفعال التي يقرر المشرع مدى خطورتها تجاه الوطن .
أما في سحب الجنسية :
نصت المادة (16) من قانون الجنسية الإماراتي :
سحب الجنسية عن المتجنس فى الحالات التالية :
1- إذا أتي عملا يعد خطرا على أمن الدولة وسلامتها او شرع فى ذلك .
2-إذا تكرر الحكم عليه بجرائم مشينة .
3-إذا ظهر تزوير أو احتيال أو غش في البيانات التي استند إليها في منحة الجنسية .
4-إذا أقام خارج الدولة بصورة مستمرة ودون مبرر مدة تزيد على أربع سنوات وإذا سحبت الجنسية عن شخص جاز سحبها بالتبعية عن زوجته وأولاده القصر .
و هذه المواد تقرر أن سحب الجنسية هي عقوبة للمتجنس  تنزل به نتيجة الإخلال برابطته بالأرض أو المكان الذي توطن فيه وتجنس بجنسيته ومن المفترض أن يحترم قوانينه ولوائحه.
الشكل القانوني لقرار سحب الجنسية  :
مادة 20 من قانون الجنسية : “تمنح جنسية الدولة بمرسوم بناء على عرض وزير الداخلية وموافقة مجلس الوزراء كما يتم إسقاط الجنسية وسحبها بالإجراء المتقدم .”
رسم القانون بهذه المادة طريقاً محدداً لمنح جنسية الدولة أو إسقاطها و سحبها ، و في سبيل ذلك يتطلب شكلاً معيناً ، يتطلب في بداية الأمر أن يتقدم وزير الداخلية بعرض يتضمن الإدانة في حق المراد سحب أو إسقاط جنسيته ، و ذلك لا يتحصل بطبيعة الحال إلا بتوافر محاكمة عادلة تنتهي بحكم نهائي و بات يقطع الشك و يظهر الحقيقة ، و يحمل الإدانة الصريحة بإحدى التهم التي تضمنتها شروط سحب الجنسية أو إسقاطها ، و لا بد من الحصول على موافقة مجلس الوزراء بعد ذلك ثم يرفق إلى رئيس الدولة ليبت فيه .
و حتى يكتسب القرار بالإسقاط أو السحب يجب أن يتم المصادقة عليه من قبل رئيس الإتحاد ، و لا يسري هذا المرسوم و لا يترتب عليه إلا إذا تم نشره خلال أسبوعين من تاريخ توقيعه و إصداره من قبله .

مادة (114) من الدستور :
“لا يصدر مرسوم إلا إذا أقره مجلس الوزراء وصدق عليه رئيس الاتحاد أو المجلس الأعلى كل حسب اختصاصه، وتنشر المراسيم بعد توقيعها من رئيس الاتحاد في الجريدة الرسمية.”

شبهة القرار السيادي :
اتجه المشرع الإماراتي الدستوري و العادي ، إلى عدم النص على إخراج أعمال معينة من من ولاية المحاكم و القضاء ، باعتبارها أعمالاً من أطلاقات السلطة التشريعية التي تنفرد بها دون معقب.
حيث أن النظام القانوني لدولة الإمارات العربية المتحدة لا يحوي أية نصوص دستورية أو تشريعية تنص على أعمال السيادة ، لا في دستور الدولة الاتحادي ، و لا في قانون السلطة القضائية الاتحادي .
و إنه على فرض كان هناك تطبيق على أعمال السيادة على أرض الواقع ، لكان الأجدر هو إجراء قائمة على سبيل الحصر للأعمال التي تعد كذلك ، و نظراً لانتفاء ذلك في الدستور و القانون الإماراتي ، فإن محاكم الدولة لا تتقيد بالوصف الذي يسبغه المشرع على الأعمال ، و لا بالوصف الذي يسبغ عليها ، و إنما يحق لها أن تنزل التكييف القانوني الصحيح على هذه الأعمال .
و بناءاً عليه يكون على القضاء التحقق من التزام السلطات التشريعية و التنفيذية و ممثلة بالمراسيم والقرارات و اللوائح الصادرة بأحكام الدستور و يستهدف – أي القضاء- إجبارها على احترام حقوق الأفراد و حرياتهم التي كفلها الدستور ، و بالتالي كان من غير المقبول استثناء بعض الأعمال كسحب أو إسقاط الجنسية من رقابة القضاء بحجة أنها أعمال سيادة أو أعمال سياسية ، و خاصة أن موضوع اسقاط و سحب الجنسية قد قنن و صدر بقانون ينظمه و يوضح حالاته ، بالتالي لا يمكن أن يبت فيه دون الأخذ بالمنصوص عليه قانونا و الذي ورد ذكره في الفقرات السابقة  و إلا كان ذلك سبيلاً لانتهاك كل القوانين المعمول بها بحجة الأعمال السيادية و هذا مما لا يقبله عقل و لا يستقيم مع مبادئ العدالة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق